بقلم سند عليا
منتج أخبار في CNBC عربية
وعند سماع قصة إحدى الشخصيات التي جعلت من نفسها واحدة من أصغر المليارديرات العصاميات في العالم، قد يتبادر إلى ذهنك السؤال التالي:
والحقيقة هي أنها في السجن! فما السبب؟ وما الذي أوصلها الى هذا المصير القاتم؟
حظيت إليزابيث هولمز باهتمام كبير من وسائل الإعلام مؤخراً وذلك بعد أن سلمت نفسها لتبدأ تنفيذ عقوبتها في السجون الأميركية والتي ستمتد إلى 11 عاماً و3 أشهر.
عودة للوراء قليلاً لنتعرف على إليزابيث هولمز وكيف انتهى بها المطاف في السجن؟
ولدت هولمز في الثالث من شباط فبراير 1984 في العاصمة الأميركية واشنطن. ورغم ارتيادها جامعة ستانفورد لدراسة الهندسة الكهربائية والكيميائية إلا أنها تركتها في عمر 19 بهدف متابعة طموحاتها الريادية.
ولم تخيب هولمز التوقعات حينها، إذ مضت في تنفيذ أهدافها عبر تأسيس شركة Theranos في عام 2003 التي أرادت منها إحداث ثورة في صناعة الرعاية الصحية.
الفكرة التي قامت عليها الشركة تركزت على تطوير جهاز يمكنه إجراء مجموعة واسعة من الفحوصات الطبية عبر استخدام بضع قطرات من الدم. الشركة بدأت سريعا باكتساب ثقة السوق وسجلت قيمتها السوقية قفزات قياسية حاصدة تأييد عدة مستثمرين كبار مما جعل قيمتها تتجاوز 10 مليارات دولار بين 2013-2014.
في عام 2015، أثار تحقيق أجرته وول ستريت جورنال تساؤلات حول مصداقية تقنيات Theranos.
وهنا بدأت تتكشف فصول القصة تدريجياً. التدقيق أظهر أن التكنولوجيا المستخدمة من الشركة مبالغ فيها وبعيدة كل البعد عن أن تكون حقيقة علمية! لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قامت بالتدخل سريعاً لتتهم هولمز بارتكاب "احتيال واسع النطاق".
و في العام 2018، تم توجيه لائحة اتهام إلى هولمز ورئيس الشركة السابق راميش صني بالواني بتهم احتيال فدرالية. وفي نهاية أيار مايو من العام الجاري 2023 قامت هولمز و بالواني بتسليم نفسهما لقضاء الحكم الصادر بحقهما.
لكن السؤال.. كيف استطاعات هولمز الاحتيال على الملايين؟
الإجابة هي "فشل في الحوكمة". حوكمة الشركات تختصر بالقواعد والضوابط النظامية التي تستخدمها بهدف ضمان قيام المدراء والإدارة العليا باتخاذ القرارات التي تخدم المساهمين والمصلحة العامة.
ففي حالة Theranos فإن مجلس إدارة الشركة لم يكن لديه الخلفية العلمية في مجال الرعاية الصحية، وتم اختيار أفراد المجلس لمعرفتهم بسبل تأمين الاتصالات الحكومية ولمحاولة تسريع الموافقات اللازمة لأعمال الشركة، فالموافقات التنظيمية للتقنية والقطاع الصحي قد تحتاج لسنوات عدة في أميركا من أجل الحصول على الضوء الأخضر.
مجلس إدارة الشركة المؤلف من 12 عضواً في ذلك الوقت، كان عبارة عن وزيري دولة سابقين واثنين من أعضاء مجلس الشيوخ السابقين والعديد من الضباط العسكريين السابقين رفيعي المستوى مما يشير إلى أن مجلس الإدارة لم يكن لديه المعلومات الكافية حول التقنيات العلمية المستخدمة في الشركة إنما وقع الاختيار عليهم لمجرد مساهمتهم في تسهيل الوصول للقنوات التنظيمية. ورغم تغيير الشركة لمجلس إدارتها لاحقاً والاستعانة ببعض المستشارين الطبيين إلا أن التغيير أتى متأخراً وكان قد فات الأوان بالفعل.
هولمز ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من نوعها في عالم الأعمال! فالحماس لدى الشباب في طرح الأفكار المستقبلية قد يترجم في بعض الأحيان إلى مشروع طموح ويتم تمويله ودعمه من مستثمرين كبار ليصل الى خواتيمه السعيدة والناجحة، لكن شتان ما بين طرح فكرة والإيمان بها بناء على أساسيات علمية حقيقية وبين استغلال الأفكار المستقبلية لخداع المستثمرين والعالم.
Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info). 2023-06-05T14:02:35Z dg43tfdfdgfd